حوار مع الاستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهياة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب سنة 2009

17 ديسمبر 2017 - 4:40 م

 

من أرشيف الاستاذ عبد الكبير المامون
حوار مع الاستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهياة الوطنية لحماية .

س : علمنا أن الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب تشتغل حاليا على مجموعة من الملفات المتعلقة بالعقار بالمغرب ، هل بإمكانكم التحدث لنا عن طبيعة هذه الملفات ؟

ج : نولي في الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب عناية خاصة  بملفات نهب العقار ولذلك فقد نظمنا  بمناسبة اليوم الوطني لحماية المال العام وقفة احتجاجية  يوم 24 مارس2009 أمام البرلمان تحت شعارمن أجل الغاء نظام الامتيازات ومن أجل رفع وصاية وزارة الداخلية على أراضي الجموع وإنصاف النساء السلاليات ، وعقدنا عدة لقاءات مفتوحة مع ضحايا نهب العقار ، ونعقد الندوات تلو الأخرى حيث تحولت الندوة، التي نظمناها  بالاشتراك مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب حول «نزع الملكية وحدود المنفعة العامة في علاقتها بالتنمية»، إلى محاكمة لوكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، المتهمة بمصادرة 6000 هكتار من الأراضي الفلاحية. و سمحت بفرض الحجر والوصاية على ممتلكات المواطنين، وتمرير قانون يتعارض مع الفصل 15 من الدستوروتحول المشروع إلى فرصة لعدد من المضاربين النافذين الذين استغلوا الفترة الفاصلة بين الإعلان عن المشروع ووضع تصميم له، من أجل الاستحواذ على أراض شاسعة وفي مواقع متميزة بعقود عرفية وتواريخ مزورة.

وقد استخلصنا ان  هناك مخططا للاجهاز على ما تبقى من الوعاء العقاري عبر اثمنة رمزية من خلال تفويتات مخدومة وهناك نية مبيتة للتهجير الجماعي  وحتى وان  تم على مراحل وبالتدريج لامتصاص قوة الاحتجاج والمقاومة سيترتب عن ذلك عواقب ترقى الى مستوى الكارثة ما لم تصاحبها التدابير والبرامج اللازمة .

الكارثة على مستوى التشغيل و على المستوى البيئي بفعل زحف الاسمنت على حساب المساحات الخضراء وبسبب نوع التعمير والبنيات التحتية كما تنجز الى حدود اليوم .

الكارثة على مستوى  المشهد العمراني ذلك ان مدنا ستنبعث من جديدة من الصفيح والبناء العشوائي في نقط غير متوقعة ، ثم ان عددا من المركبات السكنية التي سيتم تشييدها تكاد تقارب بصفيح اسمنتي .

وستتنامي الجريمة والبغاء والتسول والهدر المدرسي وتدني المستوى المعيشي للسكان المرحلين وتعاطي المخدرات الخ .

إن قرار التهجير الجماعي الغير معلن  لم يشهد المغرب  له مثيلا في تاريخه بما في ذلك حقبة  ايام الاستعمار علما ان العملية تهم كل المدن الكبرى وضواحيها مثل طنجة وفاس واكادير ومراكش ومكناس والدار البيضاء والمحمدية وتطوان وغيرها .

ان هذا التهجير الخطير في حد ذاته بالنظر الى الوتيرة السريعة التي يتم بها ينطوي على ظلم اجتماعي وعقاب جماعي  لسكان لا ذنب لهم سوى ان القدر اسكنهم في منطقة تسيل لعاب المضاربين العقاريين بدعم من ذوي النفوذ والسلطة ، حيث ستوضع رهن اشارة الرساميل المحلية والأجنبية ، والأخطر من ذلك كله  فقد وضعت الدولة ترسانة قانونية وتسهيلات وتخفيضات ضريبية يستفيد منها اصحاب اليخوت مما يشجع على الغطرسة والاغتناء الفاحش بدون حدود وبدون رادع.

لقد قام  ممثلوا الدواوير المذكورة بوقفة احتجاجية أمام مبنى عمالة بنسليمان بمساندة ومؤازرة الهيئة الوطنية لحماية المال العام  بالمغرب وكذا الجمعية المغربية لحقوق الانسان ببنسليمان وننتظر ارجاع الحالة الى ما كانت عليه حماية للملك الغابوي .

وعالجنا في حينه ملف السطو على عقار الدولة بتطوان حيث بيعت فيلا مساحتها 3000 متر ب60.000 درهم وتقدمنا نيابة عن السيد محمد حنان بشكاية للوكيل العام للملك بطنجة وقد اعتقل الفاعل الرئسي  ولا زال الملف رائجا .

كما اننا وقفنا على عين المكان بالعديد من الشواطئ ولاحظنا الاستيلاء على الملك البحري خصوصا بالشريط الساحلي لإقليم ابن سليمان دون أن تتحرك وزارة التجهيز أو إدارة الأملاك المخزنية ساكنا وعالجنا ملفات احتلال الملك العمومي وتجربة سكان حي يعقوب المنصور رائدة في هذا المجال حيث تم استرجاع 4000 متر مربع وتنفس السكان الصعداء.

ولذلك فطبيعة هذه الملفات مختلفة ومتعددة نسعى الى تشكيل خلية للمعالجة ونفكر في عقد مناظرة وطنية لدراسة سبل حماية الاراضي من السطو والنهب

س : سبق لكم أن نظمتم سنة 2007 ندوة وطنية كان موضوعها العقار بالمغرب ، ماهي الخلاصات التي خرجتم بها في الندوة التي شارك فيها مجموعة من المختصين ؟

ج : تناولت الندوة عدة قضايا حول  الأرض بمختلف انواعها  والخلاصات التي خرجت بها الندوة يمكن ايجازها في أن الدولة  استطاعت أن تقوي نخبا يمكن تسميتها بنخب السلطة، وبالتالي أدى هذا إلى تكديس الثروات المشبوهة، وهي ثروات نتيجة منح الامتيازات التي أدت الى انتشار اقتصاد الريع وبالتالي فإن التنمية التي هي أمل هذا الشعب لن تتحقق، فلا يمكن على مستوى المستقبل القريب أن يتحقق لا التمدرس أو الصحة أو الشغل بحيث أن الآفاق مظلمة ، إن هذه الوضية إن استمرت هكذا ستجعلنا نعود مرة أخرى الى عهد جديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان لأن ناهبي العقار  أصبحوا يشكلون خطرا على التنمية .

كما كانت فرصة لمعالجة ملف كيش الاوداية وتقررت تعبئة ملاكي هذه الاراضي حيث سجلت السيدة خديجة غودة شكاية ضد عامل تمارة الذي هدم منزلها وشردها هي وبناته وحرمت من حقها في ارث ولازالت لم تنل حقوقها لحد الآن رغم  رفع التحفظات على اتفاقية محاربة التمييز ضد المرأة

س :  هل تتوفرون في الهيأة على لائحة بأسماء بعض المستفيدين من هذه العقارات والاثمنة التي تتم عبرها هذه التفويتات ؟

ج : ليست لدينا لائحة متكاملة من المستفيدين من العقارات لكن كلما تحدثت في هذا الموضوع الا وأطل علي السيد محمد منير الماجدي الذي استولى على ارض تعود ملكيتها للاوقاف بثمن بخس بتارودانت.

واستطاعت وكالة تهيئة ابي رقراق السطو على ارض الجموع بسيدي حميدة قرب العاصمة الرباط بدون مسطرة نزع الملكية وحدد ثمن المتر ب50 درهم ل35 هكتارا لتسليمها للسيد الماجدي بدعوى تشييد مدرسة لكرة القدم  وهل ستحتاج المدرسة الى كل هذه المساحة ؟وهلم نهبا .

وكلما تناولت اراضي الجموع الا وافزعني  السيد  أنس الصفريوي الرئيس المدير العام لمجموعة الضحى  أغنى رجل أعمال في المغرب . تبلغ ثروته أكثر من 25 مليار درهم ،

وايمانا منا في الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب وجمعيات المجتمع المدني والاطارات المحلية للسكان  قمنا بدعم ومساندة اللجنة التنسيقية للدفاع عن المتضررين من نزع الأراضي والاملاك بولاية الرباط سلا زمور زعير في تفادي الانحرافات والتخفيف عن المستهدفين بنزع اراضيهم ومساكنهم وانطلاقا من الحق المشروع في الدفاع عن الملكية والثروة المكتسبة والمواطنة الكريمة والثرات الحضاري والمادي والرمزي المكتسب عبر الاجيال كما قمنا بتبني مجموعة أخرى من الملفات التي تهم الشواطئ خصوصا بالشريط الساحلي بين المحمدية وبوزنيقة كملف شاطئ دافيد وتبنينا الدفاع أيضا عن الأراضي الفلاحية المسترجعة .

كما عالجت  الهيئة ملفات اراضي الجموع  بمختلف انواعها والملف الذي استأثر باهتمامنا  هو ملف اولاد سبيطة  ناحية سلا والذين يشهد لهم الجميع بفصول من البطولات في مواجهة لوبيات العقار حيث واكبت ودعمت ذوي الحقوق في مقاومتهم ضد محاولات  اغتصاب أراضيهم فصمودهم  البطولي طيلة 55 يوما من الاعتصام المفتوح   ادى الى فتح حوار معهم  من طرف وزارة الداخلية حيث فتحت معهم السلطات العمومية حوارا لازال لم يؤت أكله وقد سجل ذوي الحقوق دعوى قضائية ضد النواب المعينين من طرف السلطة والذين لايستشيرون ذوي الحقوق في اتخاذ القرارات المصيرية . كما توصلت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب بشكايتين معززتين بالوثائق والمستندات  تتعلقان بتفويتات مشبوهة لأراضي الجموع للجماعة السلالية لمدشر بني مجمل جماعة البحراويين والجماعة السلالية لمدشر الشجيرات ، حيث يقوم نائباهما المنصبين من طرف السلطة المحلية بتسليم شواهد مزورة  ويشهدان بمقتضاها  بان اجزاء من أراضي الجموع  الانفة الذكر تخرج عن نطاق الأملاك الجماعية ويتم تسهيل بيعها للاغيار في خرق سافر للقاانون المنظم للاراضي السلالية او اراضي الجموع  والتي لا يجوز تفويتها طبقا للظهير الشريف المؤرخ في 27 ابريل 1919 في فصليه الرابع والحادي عشر الذي جاء باستثناءات  محددة تقتصر فقط على  التفويت لفائدة الدولة من اجل انشاء مشاريع ذات منفعة عامة وتعتبر مصالح سلطة الوصاية أي عملية تفويت خارجة عن هذا الاطار غير قانونية ويجب التعامل معها على هذا الاساس .

وهكذا فقد بيعت الهكتارات  للخواص امام مرأى ومسمع من السلطات الوصية بطنجة والرباط  في تواطؤ مكشوف مع جهات لاترى الا الربح عن طريق خرق القانون والمضاربة العقارية خصوصا وان هاتين الجماعتين لاتبعدان الاب10 كلمترات عن طنجة .ولازالت الشكايتان المرفوعتان للسيد الوكيل العام بطنجة لم تراوح  مكانها .

وعالجت الهيئة ملفات عقارية بكل من بنسليمان وبوزنيقة والمنصورية والأراضي الفلاحية المسترجعة ، ونواكب العديد من النزاعات بشواطئ البحر الابيض المتوسط والمحيط وهكذا ساندنا سكان  ثلات دواوير بجماعة عين تيزغة قيادة الزيايدة اقليم بنسليمان مفادها ان سلطات العمالة قامت بتسييج 400هكتار تابعة للملك الغابوي وجعلها محمية  بنية تسليمها لشخصيات نافذة تمارس هواية صيد الخنازير حيث حرمت 400 اسرة من رعي قطعانها من البقر كما اطلعت الهيئة على العديد من الشكايات التي يرجع تاريخها الى سنوات 2000 و2001 و2005 موجهة الى عامل الاقليم دون ان يتخذ أي اجراء لحماية الغابة وسكان الدواوير والذين يعتمدون على تربية الماشية .

غير أنه محط اتهامات باستغلال النفوذ والاستفادة من امتيازات وتخفيض أثمنة الأراضي، فشهيته مفتوحة على اراضي الجموع يقتنيها بأبخس الاثمان .

يستقوي بالسلطة وينتزع اراضي الجموع بتواطؤ مع سلطة الوصاية ولهذا وصلنا في الهيئة الوطنية الى قناعة راسخة بضرورة  الغاء سلطة الوصاية  لثبوت تواطؤها مع المخزن الاقتصادي

والغريب في الامر أن السعر الذي اقتنيا به الاراضي المستولى عليها خمسون درهما فيالها من مصادفة غريبة

س : هل لكم في الهيأة تصور بخصوص الكيفية التي يمكن بها  تحصين وحماية الملك العمومي ، ولمن تحملون مسؤولية هذه التفويتات التي توصلتم بملفات حولها ؟

ج : إننا في الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب لم نلمس اي مجهود لاسترجاع الاموال المنهوبة في الداخل والمهربة في الخارج رغم  بساطة مسطرة الاسترجاع و نتساءل عن سر عدم استرجاع 99 مليار دولار تم تهريبها للخارج في ظروف غامضة ودون اتباع المساطر القانونية ولذلك فالاراضي المنهوبة والمستولى عليها من طرف النافذين يتطلب الامر استرجاعها ايضا، ومراجعة الاثمنة التفويتية ،كما ينبغي تفعيل مسطرة متابعة المتورطين في نهب وتبذير المال العام والمخططين والموجهين والمشاركين والمنفذين ومصادرة ممتلكات وأموال المدانين، على قاعدة عدم الإفلات من العقاب.

مع اعتبار الجرائم الاقتصادية جرائم خطرة، وجرائم دولة، نظرا لأثارها الخطيرة على فئات واسعة من المجتمع المغربي وعرقلتها للتنمية، وبالتالي يجب التنصيص على عدم تقادمها،و عدم استفادة مقترفي هذه الجرائم من أي عفو.

وبالنسبة لمن نحمل مسؤولية التفويتات فان المؤسسة التشريعية تتحمل  المسؤولية لعدم قيامها بالتصدي لناهبي العقار ويتجلى ذلك في عجزها  سن قانون جديد للتصريح بالممتلكات يشمل الزوجة والابناء قبل تحمل المسؤولية العمومية و عند انتهاء المسؤولية يتضمن إبراء الذمة وتعميم نشرها عبر وسائل الإعلام العمومي.

و سن قانون لحماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام من أية متابعة قضائية ومن كل أشكال التعسف والانتقام .

والهيئة الوطنية تعتبر  استغلال النفوذ والسلطة جريمة ماسة بأحد مبادئ الحقوق الإنسانية الأساسية ألا وهو مبدأ المساوا ة، ولذلك فلن تستقيم الاوضاع ويوضع حد للنهب الممنهج للثروات الوطنية الا بسن دستور ديمقراطي وحكومة مسؤولة وقضاء مستقل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *