مداخلة حبيبة المحرزي في ملتقى المنستير مع بيت الرواية حول العامية والرواية .

6 يونيو 2023 - 6:31 م

المتابعة حكيم السعودي

ثقافة: العامية بين مؤيديها ومعارضيها
تعد الرواية من أكثر فروع الأدب تطوًرا ومواكبة للعصر بمتغيراته ومستجداته الاجتماعية والسياسيوالاقتصادية والثقافية.
الرواية فنّ لغويً يقوم أساسا على السّرد والوصف والحوار .والثابت الذي لا جدال فيه أنً الرواييًين تعوًدوا استخدام اللغة العربية الفصحى في السرد والوصف الا بعض المحاولات التي بدأت تظهر اخيرا من استخدام العامية في السرد والوصف والحوار وهي كتابات لا ترقى إلى أن تصنف أدبا.
والأشكال الحقيقي يظهر في اختلاف الاراء حول لغة الحوار فمن الروائيين من لم يستخدموا العامية في رواياتهم مثل طه حسين ونجيب محفوظ باستثناء بعض المؤلفات.
الحوار الذي يعد كإحدى التقنيات المهمة التي تتعاضد مع بقية التقنيات داخل العمل الروائي وجب ألاً يقلً شأنا عن السرد والوصف من حيث متانة اللغة وقدرتها على تبليغ المعنى المقصود .
ومن الروائيين من استخدم العامية في رواياتهم باعتبار قربها من واقع القراء مثل توفيق الحكيم في يوميات نائب في الارياف وعبد الرحمن الشرقاوي في الأرض وفؤاد التكرلي في “الرجع البعيد”وخليل النعيمي في “الشيء” متعللين بأن الرواية جنس أدبي يتماهى في التخييل والواقع. الذي يحتم تبسيط لغة الحوار وجعلها اقرب إلى الشخصية ومستواها الثقافي والفكري هذا وقد انقسم أنصار هذا التوجه إلى من يفضل استخدام العامية كما هي بينما يرى شق اخر أن الحوار يمكن أن يكون بالفصحى مع تطعيمه ببعض الكلمات من العامية .
والأمر يظل بين مؤيدين ورافضين .
بعض المؤيدين يرون أن دور العامية في الرواية التقريب بين اللهجات وبين الدان البلدان وبين المدن في الوطن الواحد. فعادة الدارجة في الشًمال ليست هي نفسها في الجنوب والدارجة في المناطق الساحلية ليست هي لغة سكان الصحراء .
ويرون وان استخدام العامية ميزة وأصالة لقدرتها على رصد الحياة العربية بخصوصيًاتها وتحوًلاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. هذا ما يجنًب الشخصيات النطق بلغة ليست لغتهم ولا تفهمها الشخصية ذاتها في واقع الحال ولا تتعامل بها ابدا.
_ان كنت أعارض استخدام العامية في الحوار فلاسباب اراها وجيهة :
أولها أن اللغة الفصيحة تحافظ على اللغة الأم التي تشكل الهوية العربية والتي باتت تهددها أخطار كثيرة منها اقتحام لغة الفيسبوك المشوًهة والتي تجمع بين الخروف والارقام والإشارات والكلمات الدخيلة .
واللغة الفصيحة في الحوار تفتح للرواية فضاءات أوسع للانتشار فهي تعزًز التواصل السلس بين العرب في أقاصي الأرض وادانيها وهي التي تضمن لها الخلود .فلولا صرامة الفصحى لما وصلنا بخلاء الجاحظ وكلية ودمتة والاغاني ووو لاندثرت وانتهت مع تشتت الأقوام حولها لأن الفصحى لغة العرب كلهم والذين يعتمدون نفس المعجم ونفس المصطلحات منذ القديم وهي تنأى عن الاختلافات والخلافات لأنها بلغة فصحى موحدة .
إن استخدام العامية في الرواية يختزل فضاءات انتشارها ويحكم عليها بالمحلية لأن العملية تختلف من بلد إلى آخر فعامية مصر ليست عامية موريتانيا وعامية المغرب ليست عامية لبنان واحيانا يكون الاختلاف من مدينة إلى أخرى فعامية القيروان ليست هي عامية صفاقس وليست عامية الساحل على الأقل في عدة مصطلحات كما أن العامية تربك حركات الترجمة إلى لغات اخرى وتعطلها .
والكثير من النقاد يرون أن استخدام العامية في الرواية يدل على عدم تقدير لهذا الفن الادبي .
ومنهم من يرى أن العامية إجمالا منبثقة عن الفصحى بنفس دلالاتها .
بعض الروائين صاروا يكتبون الحوار بالعامية تمهيدا لأن تصير شريطا سينمائيا أو مسلسلا تلفزيا .هذه النزعة تغير وجهة الرواية الأولى والتي من الإمكان أن يقوم كاتب السيناريو بتحويله من العربية الفصحى إلى العامية ويظل الأثر الادبي في مرتبة تبيح له الانتشار والخلود بعيدا عن السينما او التلفزة والإذاعة.
والأمثلة على ذلك كثيرة منها
*ما السبيل للتوفيق بين العامية والفصحى ؟
على الروائي مراعاة المستوى الثقافي الشخوص فلا يمكن لامًيً أن يستخدم مصطلحات صعبة أو تراكيب تحتم فهما استثنائيا مع إمكانية استخدام العامية في مواقع حصرية لكشف نفسية الشخوص المتحاورة وخلفياتهم وأحوالهم.. فالامي لا يمكنه أن يمدح بنعم ويذم ببئس اي لا ضير أن اكتست العامية ثوب الفصحى فتكون مفهومة معلومة
الرواية ككل فن ابداعي يشكل مرآة الواقع بكل حيثياته ومتغيراته.
فإذا كان الواقع سيًئا موبوءا رديئا فليس معناه أن الفن يجب أن ينزل إلى تلك الدرجات من الدونية . والكاتب هو الذي يستطيع تجميل القبيح وتعديل الصادم المسيء ليحقق المتعة الوجدانية لقارئ يشاركه العملية الإبداعية من حيث التلقي وتقبل الرسالة بكل مدلولاتها.


ولكي احسم في الأمر ومنذ أيام فقد درجت على نشر نصوص من رواية اكتبها ويغلب عليها ادب السيرة .وتعمّدت استعمال العامًيًة في الحوار .ولا تسألوا عن المراسلات التي تهاطلت علي …وأغلب القراء خاصة من المشارقة طلبوا مني شروحا لكلمات وعبارات كاملة،الشروح التي قد تتجاوز النًصّ طولا .وعبروا لي عن رغبتهم في أن يكون الحوار بالفصحى .
مثال :
الام تقول لابنتها :
_هاني الفرفوشة طايبة وزيد اقليلهم السردينة .
او _ذوق وكان ما عجبكش ما تاكلوش
_بلبزت الامتحان هذا علاش مطنبرة …
_خنجيبلك كاس تاي…
_فك علي طلعتلي روحي بالتخرنين .
_اطلع للسطح حرك البركوكش والمحمصة بالقدا وبيدك اليسار باش ما يتحلش. على خاطر انا ڨوشية نكسكس باليسار .ويزي من السؤالات …
مما اضطرني إلى إضافة شروح لبعض الكلمات العامية التونسية وتعديل بعض الكلمات المحلية الصعبة والتي لا تفهمها حتى جارتي ابنة الجنوب.

_

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *