حكيم السعودي
شغب الملاعب لكرة القدم هوعنف مخفي ، و قد يكون أسوأ أشكال العنف .لقد ارتبط تنظيم المسابقات الرياضية سابقا بالعنف في الكثير من مراحل تاريخ الانسان ، لاسيما في القرون الوسطى حيت كان الفعل الرياضي هو احتفاء بالعنف .و الرياضة هي فعل تنافس من اجل الفوز ، وهو ما يقود الى وجود طرفين في أي لعبة منتصر و منهزم ، مما يغدي مشاعر الاحباط و التوثر عند الطرف المنهزم الامر الذي يقود الى سلوكات عدوانية على الطرف الاخر، و هو سلوك قديم نجد اسسه في حلبة المصارعين.
العنف ينتقل عبر عدوى العنف مما يوسع دائرته ، و هنا تكمن خطورته انه عنف انتشاري لاسيما في وجود سياقات اجتماعية ملائمة ،كتلك التي توفرها فضاءات الجماهير و الحشود ،مما يجعله عنفا غير متحكم فيه حين يتجاوز حدود الملعب وينتقل عبر العدوى الى المدرجات و الجماهير المتحمسة ، فكل هزيمة هو تغذية لمشاعر الاحباط عندها يقود الى ارتفاع منسوب التوتر و العنف المادي اتجاه المشجعين للفريق الاخر و ضد الممتلكات العامة كما حدث مؤخرا بمركب مولاي عبدالله .
احداث مركب مولاي عبدالله كانت لحظة حاسمة و مؤثرة في تاريخ العنف الرياضي و لفتت الانتباه الى خطورة الفعل و ما حدث سابقا في ملاعب اخرى. لقد اصبح مفهوم الشغب و صانعي العنف في المدرجات مفهوما مركزيا عبر الحديث عن ظاهرة تتوسع اكثر من طرف مجموعات اطفال و شباب تعرضوا للإحباط داخل الاسرة او فضاء المؤسسات التعليمية
تعتبر احداث مركب مولاي عبدالله لحظة حاسمة التعاطي بجدية مع ملف شغب الملاعب ،حيت اصبحت الفرجة مرتبطة في احيان كثيرة بالعنف ،و اصبح هاجس تدبير المباريات محكوما بإعداد خطط لمواجهة أي تهديد محتمل .فظاهرة الشغب اعتداء جماعي على الافراد و الممتلكات العامة بهدف الاضرار و الحاق الاذى ، ستعرف الظاهرة انزياحات متوالية ، بدءا من تجاوز رقعة الملعب في شكل اشتباكات بين اللاعبين أو اعتداءات على الحكام، إلى المدرجات في صيغة مشاحنات بين المشجعين و أجهزة الأمن، و أخيرا في مستوى نقل ممارسات الشغب إلى خارج الملعب بتخريب الممتلكات الخاصة و العامة .
العنف يشكل عنصر اعتداء مادي على القيم مما يقود الى تحويل الفرجة الى ازمات و شغب و خسائر و اعتداءات على الارواح و الممتلكات، نتيجة الفرح المبالغ به في حالات الفوز او عدم قبول النتيجة او الاستنكار و الرفض و الاعتراض و الرفض . فالشغب داخل الملاعب الرياضية يدل على نوع التحرك الفجائي و الذي ينتشر بسرعة في المدرجات و خارجها . فهو شكل تعبيري عن حالة اختراق لنظام القيمي و صناعة للفوضى ، و نتيجة اختراق غياب محددات الضبط القيمي و الاجتماعي و القانوني و التي تحدد ضوابط السلوك بما يحقق الاستقرار و الانسجام بين السلوك و القيم .فميزة الشغب الرياضي و عنف الملاعب لا سيما في مباريات كرة القدم ، يندلع بشكل فجائي و يتجاوز سقف مسبباته ، و شروط إنتاجه المباشرة ، مما يجعل منها عنفا لحظيا و اندفاعيا يصعب التحكم فيه يتمي، و يجب على الجامعة و السلطات الامنية اتخاذ الاجراءات اللازمة لمحاربة هذه الظاهرة الغير مقبولة.
