تسونامي الشبكات الاجتماعية.

4 مايو 2021 - 6:38 م

تيلي بريس

العجب العجاب أن يسود اعتقاد بأن عصر الأخبار والمعلومات اندثر، وأصبحنا نعيش عصر الترفيه وتزجية الوقت، ومقاطع الفيديو التي عادت بنا إلى الإثارة، أي إلى “مدرسة كولومبيا” التي كانت تقول إن الصحافة هي الإثارة.

 

لذلك يبدو منطقياً أن تُطرح تساؤلات بشأن مستقبل الصحافة الجادة ، مقروءة ومسموعة ومرئية، في الدول التي يتدنى فيها سقف الحريات، و يقال إن الشبكات الاجتماعية ومنصات التواصل هي البديل، الذي يجعلنا نحدق في شاشة الهاتف المحمول ليل نهار.

 

ألا تلاحظون ، بأن أول ما يقوم به أي شخص في بلداننا بمجرد الاستيقاظ من النوم أن يحدق في هاتفه المحمول، وآخر ما يقوم بها قبل النوم أن يطالع هذا الهاتف .

 

لنلاحظ أيضاً أن أي حديث متبادل داخل الأسر أصبح نادراً، لأن جميع  أفراد الأسرة  مشغولون بهواتفهم، بل أكثر من ذلك عندما يجد أي شخص وقتاً في أي مكان يطالع هاتفه المحمول ، وأحياناً يكون ذلك مبرراً للإيحاء لمن حوله  بأنه مشغول بما هو أهم .   

 

الصحافة بكافة أنواعها ، مكتوبة ومسموعة ومرئية ، ستبقى في الدول المتقدمة هي التي تشكل الرأي العام وتؤثر في اتجاهاته، لذلك من يعتقد أن الشبكات الاجتماعية أو منصات الدردشة يمكن أن تصنع رأياً عاماً وتخلق وعياً مجتمعياً، واهم بل أكثر من واهم .

 

يمكن أن تكون الشبكات الاجتماعية أداة للتواصل عندما تهيمن “الدولة العميقة” على وسائل الإعلام ، وتجعلها قنوات للدعاية ، وفي بعض الأحيان لنشر أخبار مضللة وخادعة، وهذا ما حدث ويحدث في حالة الثورات والانتفاضات والحراك .

تأسيساً على ذلك أطرح سؤالاً: من الذي أسقط دونالد ترامب في أميركا هل هو تويتر وفيسبوك ويوتيوب ؟ 

أسقطت ترامب صحيفتان و شبكة تلفزيونية وإذاعة ، وكلها وسائل إعلام تعتمد على منهج”الصحافة الاستقصائية”.

 

أقول مطمئناً إلى صحة هذا القول، بأن دور الصحافة تراجع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بسبب تدني سقف الحريات، لذلك عجزت أن تواجه تسونامي الشبكات الاجتماعية.

قطعاً هناك عوامل أخرى كرست هذا الوضع ، من ذلك ضعف المحتوى، وثقافة حجب المعلومات والتكتم عليها، في حين أن الجيل الحالي يكمن عمق ثقافته في مشاركة المعلومات. إضافة إلى عدم تحفيز المنظومة التعليمية للتثقيف الذاتي والقراءة ، وظاهرة العزوف السياسي ، وانتهازية النخب التي ترى أن السياسة مجرد وسيلة للوصول إلى مواقع القرار. 

 

ظني أن أكبر خطر على  حاضرنا ومستقبلنا هي اللامبالاة، ويمكن لكل فرد أن يحدث فرقًا كل يوم من خلال اتخاذ خيارات واعية، أهمها البحث عن المعلومة الصحيحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *