الرقابة المالية الادارية و الرقابة القضائية على الدعم المالي الممنوح للجمعيات الرياضية

14 أكتوبر 2020 - 10:49 ص

بقلم الاستاذ المصطفى الهيبة

اطار بوزارة الثقافة و الشباب و الرياضة

• أولا * الاطار التعاقدي للدعم العمومي الخاص بالجمعيات الرياضية :

ان ترسيخ مباديء الحكامة الجيدة في القطاع الرياضي من شأنه أن يرفع من مستوى هذا المجال حتي يبلغ و يحقق الأهداف المرجوة منه ،غير أنه يلاحظ أن مآل الدعم العمومي للجمعيات الرياضية المقدم للفاعلين الرياضيين يتسم في أغلب الأحيان بغياب الوضوح ، حيث لا يعرف اين تم صرفه بكل شفافية و مصداقية . كما تبين أن الالتزامات القانونية الملقاة على عاتق الجمعيات و الجامعات الرياضية المدعمة لا يتم احترامها على الأقل فيما يخص بيان أوجه صرف الاعانات المالية المقدمة اليها من طرف الدولة و مؤسساتها . هذا بالإضافة الى أن الاهداف المسطرة سلفا و التي من أجلها يتم تقديم هذه الاعانات لا يتم بلوغها .

و قد تنبهت السلطات العمومية لهاته الاشكالات , فأصدرت دورية للوزير الأول تحت عدد 7/2003 بتاريخ 27 يونيو 2003 تتعلق بالشراكات مع الدولة و الجمعيات . هذه الدورية التي اعتبرت القطاع الرياضي من أولوياتها ، و تعتبر آلية حديثة لتدبير المال العمومي الموجه لهذا المجال.

غير أن ما يحسب لهاته الدورية أنها جاءت لتحسين التنسيق و المراقبة من خلال اطار تعاقدي ، و من جهة أخرى وضعت اطارا مرنا للشراكة مطابقا لمباديء الحكامة الجيدة .

و بالاستناد الى هاته الدورية فان اي مساهمة عمومية تعادل او تفوق 50000 درهم سواء كان مصدرها الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات و المقاولات العمومية ، ينبغي أن تتم في اطار تعاقدي يحدد التزامات الطرفين خاصة التزامات الجمعية الرياضية طالبة التمويل . و قد حددت الدورية المسطرة الواجب اتباعها قبل التوقيع على اتفاقية الشراكة بين الطرفين .

أما في الحالات التي يكون فيها مبلغ الدعم يقل عن 50000 درهم ، فان تقديم الدعم يتم اتخاذه بقرار من الامر بالصرف بعد تقديم ملف متكامل من طرف الجمعية طالبة التمويل .

و اذا كانت الجمعيات الرياضية صغيرة الحجم و تنشط في اطار الهواية بحكم عدم توفرها على موارد مالية كبيرة ، فان الجامعات الرياضية باعتبارها فاعلا أساسيا في القطاع الرياضي هي المعول عليها لتنفيذ السياسة الرياضية للدولة أو الصعود بالمجال الرياضي الى درجة الاحتراف . و للحصول على الامكانات المالية اللازمة لبلوغ هاته الاهداف ، تم توقيع عقود برامج و دفتر تحملات مع الوزارة الوصية . بمقتضى هذا العقد-البرنامج تلتزم الجامعة الرياضية الموقعة في مقابل تلقي الاعانات المالية للدولة بتحقيق الاهداف المسطرة و من ذلك تقوية اسس الحكامة الجيدة في مجال التدبير الاداري و التقني لشؤون الجامعة ، الى جانب ضمان شفافية محاسبتها في كيفية صرف المال العمومي و انجاز تقارير للأنشطة و تقييمات سنوية و توسيع قاعدة الممارسين و تطوير برامج التكوين ، كما تلتزم الجامعات الرياضية بتبني استراتيجية رياضة النخبة لبلوغ نتائج ملموسة في المنافسات الرياضية الدولية الكبرى.

و قد تم التوقيع على مجموعة من العقود البرنامج لسنوات 2013/2016 و دفاتر تحملات بين وزارة الشباب و الرياضة و ازيد من ثلاثين جامعة رياضية عقدت جموعها العامة و قدمت حسابها المالي .

ان ترسيخ ثقافة النجاعة و تحقيق الاهداف المتوخاة من دعم القطاع الرياضي لن يتأتى فقط بوضع الشروط القانونية و ابرام اتفاقيات الشراكة ، بل لابد من التتبع و الرقابة المالية لأوجه صرف المال العمومي و هذا ما سنتناوله في الفصل الموالي.

• ثانيا * أوجه الرقابة المالية على الدعم العمومي المقدم للجمعيات الرياضية :

ان وضع سياسة عمومية ناجعة في القطاع الرياضي يتطلب ضمان الاستقلالية الحقيقية للجامعات و الجمعيات الرياضية من خلال تحويل طبيعة العلاقة التي تربط الدولة بالجمعيات الرياضية من وصاية الى شراكة و تعاقد سيما و ان هذه الجمعيات جزء لا يتجزأ من مؤسسات المجتمع المدني الذي ما فتئ أصحابه ينادون بالاستقلالية . غير ان هذه الاستقلالية لابد ان تكون مقرونة بمبادئ اخرى كربط المسؤولية بالمحاسبة و الشفافية.

لأجل ذلك وضع المشروع المغربي اليات للرقابة المالية على الدعم العمومي المقدم للجمعيات الرياضية.و يمكن تقسيم هذه الرقابة الى رقابتين ؛ تلك التي تمارسها الادارة الوصية و وزارة المالية ، و رقابة قضائية يمارسها المجلس الأعلى للحسابات ..

1 *الرقابة الادارية على الدعم العمومي الموجه للجمعيات الرياضية :

ان الرقابة المالية التي تمارسها الادارة على مجالات صرف الاعانات المالية و المنح الموجهة للجمعيات الرياضية تختلف بحسب وقت ممارستها ، فهناك الرقابة التي تتم قبل تقديم الدعم العمومي و تلك التي تمارس بعد تقديمه .

أ *الرقابة المالية القبلية :

يمارس الامرون بالصرف الرقابة المالية القبلية على أوجه الصرف العمومي المقدم للجمعيات الرياضية . في هذا الصدد فان وزارة الثقافة و الشباب و الرياضة بصفتها الوصية على القطاع الرياضي لا توافق على تقديم الاعانات إلا للجامعات الرياضية التي توقع معها عقد-البرنامج و تلتزم بدفتر التحملات الذي يتضمن مجموعة من الشروط و الأهداف الواجب تحقيقها . و من ذلك شفافية حسابات الجامعات الرياضية المتعاقدة و المصادق عليها من طرف مراقبي الحسابات . كما ان الوزارة الوصية قد تحرم الجامعات الرياضية التي لا تحترم التزاماتها المسطرة في عقد البرنامج من الاعانة المالية المخصصة لها برسم السنة الموالية . و في بعض الحالات قد يتم تخفيض قيمة الاعانة بالنظر الى نسبة تحقيق الاهداف .

بالإضافة الى الرقابة القبلية التي تمارسها وزارة الثقافة و الشباب و الرياضة على الجامعات الرياضية ، فان تقديم الاعانات المالية يخضع للتأشير من مديرية الميزانية التابعة لوزارة الاقتصاد و المالية ، هذه الرقابة في الغالب يكون الهدف منها الحفاظ على الموازنات المالية الكبرى للميزانية العامة .

اما في ما يخص الاعانات المالية المقدمة للجمعيات الرياضية من طرف الجماعات الترابية او في اطار انشطة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، فان اتفاقيات الشراكة التي تنظمها تنص على ان الدعم العمومي المقدم يتم تحويله الى الجمعية المستفيدة على مراحل او دفعات ، بهذا تمارس رقابة قبلية على مجالات صرف هذا الدعم بحيث لا يتم تحويل الدفعة 2 و 3 إلا بعد التأكد من التقدم في انجاز المشاريع الممولة . غير أن ضعف الامكانيات المادية و البشرية للجهات المانحة يتعذر معه القيام بالرقابة القبلية و بذلك يتم الدعم دون تتبع و مواكبة لما تم انجازه من طرف الجمعيات الرياضية المستفيدة .

و اعتبارا لما قد يشوب الرقابة القبلية من نقائص فقد تم تعزيزها بالرقابة البعدية للإدارة على الاموال العمومية المقدمة للجمعيات الرياضية ……

………….يتبع

الأستاذ : المصطفى الهيبة .. – اطار بوزارة الثقافة و الشباب و الرياضة – قطاع الشباب و الرياضة –

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *