بنكيران هو المشكل بالذات وليس الحل

19 يونيو 2016 - 3:21 ص

كمال لعفر –

لا يخفى على كل متتبع للشأن السياسي المغربي،أن حكومة بنكيران لها صدى وحيد يميزها عن باقي الحكومات السابقة،هذه الحكومة التي جاءت بعد دستور 2011،والذي بدوره كرس مجموعة من الحقوق والحريات الأساسية للفرد داخل المجتمع.
لذا،كان لزاما علينا أن نقول بأن الوضع الإجتماعي المغربي أصابه تغيير جذري كبير على مستوى الحق في الحرية أوالحق في التعبير لا شك في ذلك ولا ميراء.
ناهيك،عن مواقع التواصل الإجتماعي التي فرضت معارك قوية كان الهدف منها خلق قوة ردع بعض المسؤولين والوزراء أثناء انزلاقاتهم المتكررة وأخذ الحيطة في التعاطي مع قضايا الشعب المغربي،وساهمت من جانب في انصاف شريحة المظلومين والضحايا من خلال الضغط التضامني بشكل جماعي في مصف عادل.
فحكومة بنكيران هي وليدة اليوم ليس إلا،لكن ولادتها تمت عن طريق نسخ متكررة كانت أول هذه النسخ ابان انسحاب حزب شباط بعد قراره وضع حجرة فالطاس والنسخة الثانية أثناء ركوب مزوار وحزبه العدو على ظهر جسد العدالة والتنمية والأخيرة أثناء احداث تغييرات خفيفة في صفوف بعض الوزراء وتعويضهم بالأخريين.
من خلال ما سلف ذكره،يتضح أن حكومة بنكيران قطعت مراحل صعبة جدا،قد تكون في حقيقة الأمر عصفت ببعض مبادئ الشخص نوعا ما وتنازله عن حقائب أخرى،والغريب أن المجتمع الدولي كما هو معروف الفاعل السياسي فيه بالحوار الجاد والهادئ،وقلب منبسط يستطيع من خلاله كسب محبة ناس دون أن تدري.
في مقابل ذلك فبنكيران هو الفاعل السياسي الوحيد الذي صداه وصل العديد من القنوات العربية،ولا أحد يجهل زلة لسانه حين أقسم بأن لن يضع….بالبرلمان،وانفعالاته المتكررة أثناء الجلسات والمشادات الكلامية مع العديد من هؤلاء وكذلك خروجه المباشر في بعض الصحافيين،وهجوماته المتكررة لبعض قاداة الأحزاب.
فقطار بنكيران لا يزال في سكة الصواب ولم يقف عند محطة المؤتمر الأخير الذي عقده حزب العدالة والتنمية بل استطاع دفعه ليقطع مسافة ولاية ثالتة على رأس الحزب آملا وتفاؤلا بالحصول على المرتبة الأولى في الإنتخابات القادمة ولكن السؤال،يا ترى أن الملك يعين رئيس الحكومة من خلال الحزب الذي تصدر أكبر عدد الأصوات في الإنتخابات من خلال تعيينه للأمين العام أم عضو من باقي الأعضاء الموجودين بالحزب الذي جاء في أول القائمة؟؟؟؟؟؟؟
أول ما نلاحظ أن الفصل الدستوري جاء صامت من هذا الجانب،وفي السياق السابق، نلاحظ توازنات سياسية قوية أيضا،أفرزت لنا ثلاثة أقطاب سياسية تتصارع داخل الحقل السياسي المغربي بشكل أولي وهما الإستقلال الذي يعد حزب عريق له تجدر على المستوى القبلي والوطني بالرغم من أن شباط أنقذ رأسه في الأخير وأطاح برأس الحزب،والثاني يتمثل في الحزب الحداثي المتميز بشعبية قوية داخل الحقل السياسي كذلك وماذا بعد وصول العماري أمانته العامة وتغيراته المستقبلية؟لكن خصومه يتهمون الحزب بأن له ولادة قيصرية في الأول الا أن طريقة مواجهة الإسلام الراديكالي آنذاك اقتضت التسريع في تأسيسه دون النظر في هوامش ولادته،والقطب الأخير هو قطب بنكيران الذي له مشروعية تاريخية يجرها وراءه وتأثيراته عن الرأي العام من الجانب الإلكتروني أكثر من أي جانب آخر.
والآراء الإجتماعية المتضاربة كذلك نشاهد رأي أول تيار يؤكد بأن لا حل من دون بنكيران في هذا العصر بالذات،والثاني رسم عليه علامة حمراء لا يمكن ازالتها ولكن يمكن في الوقت نفسه استبدالها بالأصالة والمعاصرة،والرأي الأخير بقي في اطار التوزانات السياسية المبهمة وهو رأي الإستقلاليين.
بيد أن التوجه السائد والغالب الآن،هو اختيار الحل الذي يبدأ مع بنكيران وليس من دونه،وهو الحل الذي بناءا عليه سيظهر تحالف هذه الأقطاب كأحزاب مهيمنة داخل الحقل السياسي الحالي،خصوصا بعد ظهور ملامح ذلك في الإنتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة من جهة،وإقصاء الأحزاب الصغرى من الدعم بعد رفع العتبة من جهة أخرى.
تنبغي الإشارة مرة أخرى أن هذا التحالف ولئن كان سيفقدهما مصداقية بعضهما البعض،لذا من المتوقع أن ذكاء البام ومبادئه الجديدة داخل الحقل السياسي الراهن قد ينفرد بفكره الحداثي،ويختار في الأول الحل مع بنكيران وهذا يعني لا يريده ولكن يريد العبور به ومنه….هنا تبدأ الخريطة السياسية!
وهنا تصير المعادلة الصعبة أن (بنكيران هو المشكلة بالذات وليس الحل).
ومنذ تلك الوقت سنلاحظ أفلام سياسية جديدة،من المحتمل أن تشمل لقطات انسحاب البعض وانشقاق في صفوف البعض الآخر ويبلغ السيل الزبى،وسيدخل حزب بنكيران في لحظة غير متوقعة صف المعارضة لكن أي معارضة سينهجها،وليتني لا أكتب عنها شيئا،لأن السياسة حقا تفسد كل شيء وخصوصا اذا اتصلت بالذين وتصبح تحت اسم الإسلام السياسي،غير أن الإسلام أساس الحق وللحق وجه واحد وللسياسة وجوه متعددة،إذن فأي علاقة وأي حل مع بنكيران هل لا حل من دونه أم لا حل معه؟؟؟؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *