المرأة تفشل اجتماعيا لكنها تنجح في الجانب السياسي أو الثقافي وجوانب أخرى كثيرة

15 سبتمبر 2021 - 8:46 م

حكيم سعودي

إن سبب احتمالية نظرة المجتمع إلى المرأة نظرة سلبية يعتمد على ثقافة الشخص نفسه ومدى وعيه في تقبل واقع المرأة في المجتمع العربي عموما، فالشخص الناضج المثقف لا ينظر إليها نظرة سلبية من جانب واحد من حياتها، وإنما ينظر إلى جميع الجوانب. التخلف والجهل هما الرئيسيان لنظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية ويجعلها تعاني من ضغوطات معنوية ونفسية.

ولكن المجتمع لا يرحم هذه الإنسانة التي ربما لو كانت الظروف مناسبة لها قد لا يحدث الطلاق، وان حدث فقد يكون المسؤول عنه الرجل، وبالتالي فان نظرة المجتمع الضيقة تجعلها هامشية وغير فاعلة وبعيدة عن فكرة الارتباط برجل ثاني وتكوين أسرة سعيدة، إذ قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم.

فعلى شبابنا أن يغيروا من نظرتهم لتلك للفتاة المطلقة، فقد كرم الإسلام المرأة ورفعها ما لم يحققه لها أي دين آخر ولا شريعة أخرى من الشرائع.ليس بالضرورة أن ينظر المجتمع ككل إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية، فهناك الكثير من أفراد المجتمع ينظر إليها نظرة ايجابية وبكل احترام وتقدير لأن فشلها في الحياة الزوجية لا ينعكس على مفاصل الحياة كافة، وأحيانا قد يكون الرجل هو السبب في هروب المرأة من عشه الزوجي وفشل حياتهما.

في نظري الشخصي ليس كل امرأة مطلقة هي السبب وراء طلاقها فبعد الطلاق مباشرة، تقع عليها موجة من التنظير بأنها كان يجب أن تستر على شوائب الزوج و تبقى في علاقة الزواج هذه. الطلاق هو حالة وممكن أن يكون سببها الطرفين وليس طرفا واحدا فقط. والحياة الزوجية مليئة بالأسرار ولا احد يعرف عنها شيئا، ويشك في قدرات المرأة العقلية ويحرمها من حقوقها الأساسية ويضع اللوم دائما عليها وخاصة مسألة الطلاق.

إنها لا تملك إلا أن تعيش معاناتها بمفردها، ولأنها المرأة عليها أن لا تشتكي من حياتها، ولأنها الزوجة عليها أن تتحمل كل أخطاء زوجها وسلبياته، وكل سقَطاته وزلاته، وكل تقصيره وجفائه وقسوته، وكل ما تكرهه من عاداتِه وطباعِه، وكل ما يؤذيها من قهره وظلمه لحقوقها، ولأنها الأم المربية عليها واجب التربية والرِعاية لأطفالها، والتضحية لأجلهم براحتها وسعادتها، ولأنها السكن عليها أن تهب لبيتها الدفء والحنان والمودة والرحمة ..وحتى وإن حرمت من كل ذلك من زوجها، أو تعبت أو انهارت أو استسلمت لضعفها وانكسارها، عليها أن تصبر وتكافح وتستمر حتى النهاية .

إنها بكل حالاتها ليس من حقها أن تتخلى عن واجبها ومسؤوليتها، أو تمل من صبرها وكفاحها، وتطلب الطلاق، أو تكون سببا من أسبابه، وإلا سيتهمها أهلها وأسرتها والناس بأنها ظالمةٌ لزوجِها، وبأنها إنسانةٌ سلبية، لا تتحمل مسؤولية الزواج وأعبائه وتبعاته، أو هي لا تدرك معانيه ومقاصده، أو لا تحسن تدبير شؤون بيتها، وإدارة أسرتها وإسعاد زوجها ..

 إن المرأة المطلقة في المجتمع دائما هي (المدانة) ويحكم عليها بالأمور السلبية وفي بعض الأحيان يكون الحكم خاطئا لان زوجها هو السبب نتيجة تصرفاته السلبية داخل البيت مثل انفعالاته وتسرعه في حسم الأمور مما يولد ضغوطا نفسية لدى زوجته بمرور الأيام والسنين فتطلب منه الطلاق.

و هناك الكثير من النساء يطلقن بعد عقد المهور لمدة زمنية قصيرة أو طويلة أي قبل دخولهن القفص الذهبي، فتعد تلك المدة اختبارا للشريكين يعرف احدهما طبائع وميول ورغبات الآخر، وهناك نساء طلقن وقد مضى على زواجهن سنوات طويلة.

وأخيرا أريد أن أقول: إن التخلف والجهل هما السببان الرئيسان لنظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة نظرة سلبية ويجعلها تعاني من ضغوطات معنوية ونفسية من طرف المجتمع. وقبل أن نتهم المرأة المطلقة علينا أن نسأل أنفسنا ماذا قدمنا لها لنحميها وندافع عن حقوقها؟ وماذا قدمنا لها لتوعيتها وإرشادها؟ ولتكن غايتنا ليس الترويج للطلاق، فهو أبغض الحلال عند الله، ولكنه الحلال الذي أحله الله، والحل الذي وضعه الشارع للرجل وللمرأة حين تستحيل العشرة بينهما .

وغايتنا تحسين صورة المطلقة داخل المجتمع، وصرف الإشاعات والظلم عنها، حتى تستطيع أن تحيا حياة كريمة . و أن نتحمل مسؤولية تقصيرنا في مواجهة مشاكلنا، ونسعى لتصحيح ما نراه من أخطائنا وسلبياتنا بمجتمعاتنا، ونعمل على تغيير نظرتنا ومفاهيمنا الخاطئة، وعاداتنا وتقاليدنا وطباعِنا السيئة التي لا أصل لها من شريعتنا، ونحاكم أنفسنا قبل أن نحاكم غيرنا، ونعتلي منصة القضاء ونصدر الأحكام من غير أدلة ولا شهود ولا دفاع .

ويبقى دور الأهل في التقليل والتخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية، من خلال مساندة المطلقة معنويا وماديا، ،مع ضرورة احتوائها نفسيا وعاطفيا بالتفاهم والحنان والحب حتى تتمكن من إعادة ترتيب أوراقها، وهو الأساس الذي تحتاجه لتنهض من جديد أشد قوة وأمضى عزما ، إضافةً إلى ضرورة تفهم الوالدين والأسرة لابنتهم المطلقة، ومعاونتها لتعيد صياغة حياتها من خلال الدراسة أو العمل، ولهذا فأرجو أن يعطى شبابنا و شاباتنا المرأة المطلقة فرصة أخرى للحياة الشريفة والكريمة ولا ننظر للماضي ولا نتكلم فيه ولا نعايرها به عند الاختلاف في الرأي أو عند حدوث المشاكل الزوجية بل نستفيد منه ومن تجاربه ولا نكرر هذه الأخطاء مرة أخرى، ونحاول بناء أسرة جديدة قوامها الحب والعطف والمودة والرحمة. فالدعم النفسي والمجتمعي هو أول ما تبحث عنه المطلقة بعد فشل حياتها الزوجية، فهذا هو السبيل الوحيد للخروج من حالة اليأس والإحباط، والحزن الشديد الذي قد يدفع بعضهن إلى الزواج بأول رجل يطرق الباب.

اننا نحتاج ان نعيد فهمنا لنظرة الإسلام للمرأة ولمكانتها داخل المنظومة الاجتماعية، وكنواة داخل أسرتها، ولأدوارها ووظائفها، كما نحتاج لتصحيح نظرتنا للطلاق ولماذا أحله الله، حتى نقدر أن نعالج الكثير من قضايا المرأة ومشاكلها، لنؤهلها لتكون مربية الأجيال القادمة وحاملة الرسالة التقدم الازدهار لأمتنا ،و بالفعل المرأة قد تفشل اجتماعيا لكنها تنجح في الجانب السياسي أو الثقافي وجوانب أخرى كثيرة.اذا لا فرق بين المطلقة و الارملة و المتزوجة و العازبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *