اطفال ابرياء… خطف… اغتصاب… قتل… اين الخلل؟

29 سبتمبر 2020 - 12:54 م

عبد الهادي أباضة

اصوات تنادي في آذاننا صراخ أطفال أبرياء كلما سمعنا عن حالة اغتصاب ارتكبت في حق أحدهم، نشعر بالمرارة والحسرة في كل مرة، لأننا واثقون بأن نفوسا مريضة تعيش بيننا ترغب في التلذذ بجسم طفل بريء لا يعي بالجرم الذي تقترف في حقه.

إن استفحال ظاهرة اغتصاب الأطفال، وتعرضهم للعنف الجنسي، وما يحمله من انعكاسات وجراح مؤلمة تؤثر سلبا على نفسيتهم طوال فترة حياتهم، هي للأسف ظاهرة بدأت تثير قلق الرأي العام بالمغرب بعدما سجلت في الفترة الأخيرة، حالات متفرقة في عدد من المدن و القرى، انتهت بعضها بحوادث مأساوية راح ضحيتها أجساد غضة لا ذنب لها سوى أنها وجدت في المكان والتوقيت الغير المناسبين.

وبالرغم من أن الكثير من حالات اغتصاب الأطفال والاعتداء على براءتهم تبقى تفاصيلها حبيسة الجدران، نظرا لأن عائلات الضحايا يرغبون في غالب الأحيان تحاشي الفضيحة و الخوف من انتقام الجاني، في حين هناك عائلات أخرى ترفض الانصياع لحاجز الصمت فتعمل على طرح قضيتها أمام القضاء ليلقى الجناة عقابهم .

 

وتعد قضية التحرش الجنسي بالأطفال في  المغرب واحدة من أهم القضايا التي طرحت نفسها على أجندة العاملين بمجالات حقوق الإنسان، وبخاصة المهتمين بحقوق الطفل بداية من الرصد الانتهاكات الواقعة على الأطفال وخاصة الاعتداءات الجنسية.

 

ولعل شيوع تفاصيل العديد من حالات الاغتصاب في السنين الأخيرة  وخاصة سنة 2020 بفضل وسائل الإعلام الالكترونية الحديثة ، جعل القضية قضية رأي عام والذي زادت معه مخاوف من تكرار مثل هذه الحوادث بعد أن وقفوا على صور مؤلمة لهتك عرض الصغار وقتلهم بطرق بشعة، و أصبح ينادي بأعلى الأصوات بتشديد العقاب على مرتكبيها حتى يكونوا عبرة لكل من فكر يوما بالإقدام على مثل هذه التصرفات الشاذة عن مجتمعنا و ديننا الحنيف.

وهكذا يحق لنا أن نتساءل عن العوامل و الدوافع التي تساهم في تنامي هذه الظاهرة؟ وماهو الدور الذي يجب أن تلعبه الأسرة باعتبارها المسؤول الرئيسي عن الطفل؟ وما السبل الكفيلة لحماية أطفالنا من الاغتصاب؟ وكيف ينظر المجتمع المغربي لهذه الآفة الاجتماعية؟

كيف تنظر إلى استفحال ظاهرة اغتصاب الأطفال في المجتمع المغربي؟

أصبح المجتمع المغربي يعرف تزايدا في عدد الملفات والحوادث المرتبطة بعمليات الاغتصاب التي يتعرض لها الأطفال، وبطبيعة الحال فهذا أمر مقلق بالنسبة للأسر والمجتمع ككل، وهو يستدعى توخي المزيد من الحيطة والحذر.

إن قضايا الاعتداء على الأطفال لا تعالج بسكوت الأهل، إذ يجب علينا الاقتناع بأن الطفل يصعب عليه حماية نفسه، ومن المهم ألا يقع الآباء في الإحراج مثلا إذا ما تعرضت ابنتهم للاغتصاب، وليس على الضحية لمجرد أنها فتاة أن تشعر بالذنب. وهنا تطرح ضرورة اللجوء إلى المشرفات الاجتماعيات لمساعدة الطفل على تخطي الاغتصاب، وتوفير عيادات المتابعة النفسية بعد الاغتصاب، كما على الدولة إقامة سجون علاجية وليس عقابية حتى لا يخرج المعتدي منها أكثر انحرافا.

ماهي الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم الظاهرة؟

نجد أسبابا اجتماعية تتسبب في انتشار اغتصاب الأطفال أو ما يسميه الغرب ب»البيدوفيليا»، كالفقر وما ينتج عنه من إهمال وتقصير في التربية، والمشاكل الأسرية كانفصام العلاقة الزوجية، وما يترتب على ذلك من إهمال للأطفال، وبالتالي يصبحون عرضة للانحراف وللاستغلال الجنسي. ويتعلق الأمر بأشخاص يعانون من اضطرابات نفسية وكبت جنسي، يدفع بهم إلى البحث عن ضحية لإشباع نزواتهم، وبالتالي وجب على الآباء توخي الحيطة ومراقبة أبنائهم بصفة مستمرة.

ولتجنيب أبنائنا السقوط بين أيدي المغتصبين الذين أصبحوا يعيشون بيننا، يجب تلقين تربية جنسية وقائية داخل الأسر والمؤسسات التربوية والتعليمية، ومن قبل وسائل الإعلام من خلال الحديث عن الظاهرة؛ لأنها تضطلع بدور كبير يجب الانتباه إلى أهميته وضرورته.

ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه القضاء لردع المغتصبين؟

هناك اليوم دعوة لتشديد العقوبات على المغتصبين كما يحصل في الدول الأوروبية، كما أن القوانين الوطنية المتعلقة بحقوق الطفل تحتاج إلى مزيد من التغيير حتى تتلاءم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بصفة عامة، وحقوق الطفل بصفة خاصة. فمثلا فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي على الأطفال هناك تساهل في العقوبات الجنائية المطبقة على المجرمين مقارنة بتشريعات دول أخرى تشدد العقوبة في مثل هذه الحالة.

كيف يمكننا حماية وتحصين أطفالنا من الاغتصاب؟

لا يمكننا تقديم حماية كلية لأطفالنا من الاغتصاب الجنسي، لذا على الآباء تأمين تماسك أسري قبل أي شيء آخر مع الاهتمام المستمر بالطفل، وعدم التغيب عنه، فدور الأبوين داخل المنظومة التربوية للطفل يتجلى من خلال قواعد رئيسية هي: الإشراف والتأطير وتوعية الطفل بالأساليب التي يلجأ اليها المعتدون الجنسيون، كتدريبه على التمييز بين الغريب والقريب، والتفريق بين اللمسة البريئة والأخرى غير البريئة، ومراقبة سلوكه والتكلم معه والاستماع إليه، مع محاولة استخلاص الأجوبة منه على مراحل وبدهاء شديد دون أن يشعر بالخوف، كما يجدر على الأبوين الانتباه إلى أي علامة على جسد طفلهم مهما كانت بسيطة وسؤاله عن مصدرها، وعليهم أيضا معرفة حقل التحرك عند أولادهم مثل المدرسة والنادي والرحلات…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *