اقليم سطات…بقرة مسعود الحلوب ترعى بمنطقة اولاد بوزيري .

6 أبريل 2021 - 2:04 م

عبد الهادي اباضة

ليست هذه بقرة مسعود كما جاء في رواية للكاتب الكبير عبدالرحمان الشرقاوي ،تلك البقرة الدلول التي يستعملها الفلاحون البسطاء قي تحريك نافورة المياه، إنما هي بقرة من نوع خاص، كانت نطوحا فتم ترويضها وكانت تنط فتم تكبيلها بإحكام كي تمر عملية الحلب في هدوء وسكون .وحتى لاتلجأ مرة أخرى إلى النطح تم استئجار من يمسك بقرنيها ويخنق أنفاسها.لكن البقرة لجأت الى سلاحها الأخير فبدأت تهش بذيلها وتضرب كل من يحاول حلبها .فتم قص ذيلها من حيث لا تستطيع استعماله …

لعل هذا الوضع هو ما يلخص واقع الحال بمنطقة اولاد بوزيري ضواحي سطات، المنطقة التي تكالبت عليها ظروف الطبيعة القاسية وجشع المنتخبين وذوي السلطة والنفود ،هؤلاء الذين تتكسر أمامهم كل أحلام المواطنين هناك في عيشة أفضل وأنظف .

فالمنتخبون يقدمون أنفسهم في الحملات الإنتخابية التي ينافسون فيها أنفسهم في صورة ملائكة تقضى على أيديهم حاجيات المواطنين ولو كانت مستحيلة، وما إن يبلغوا هدفهم حتى يخلعوا ثوب الملائكة ويلبسون أسمال الشيطان، ثم يحتلون كراسي الجماعات وكراسي البرلمان ويشكلون حاجزا بين الدولة ومواطنيها الضعقاء البسطاء يخدمون مصالحهم الخاصة ويضمنون مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وحفدتهم وأصهارهم .يتم كل ذلك على حساب برامج التنمية التي تخصصها الدولة للفقراء الذين انتخبوا هؤلاء الوصوليين للنياية عنهم والدفاع عن قضاياهم .وأمام هذا الوضع الإستغلالي القاتم يفضل أغلب سكان اولاد بوزيري الهجرة نحو مناطق أخرى خاصة المدن .فالمنطقة تعرف أعلى معدلات النزوح القروي .

ولعل أكبر دليل على ذلك عدد الدواوير الفارغة على عروشها بالمنطقة بل حتى المنتخبين هم أيضا نازحون عن المنطقة .فكلهم يملكون بيوتا فاخرة  وانطلاقا منها يسيرون إقطاعياتهم الترابية ويعطون الأوامر بحلب البقرة .لذلك نتسائل كيف لهؤلاء تسيير مجتمع هم غرباء عنه؟إذ قلما ينتقلون إلى هذه المنطقة المقفرةالتي أفقروها في سيارات الخدمة حتى لا تتآكل إطارات سياراتهم الفاخرة من سوء الطرق وردائتها والتي نجحوا في تحويل صفقاتها الى جيويهم …في طريقهم يثيرون نقعا من غبار الطريق فيصيبون به قرويون فقراء يركبون دواب جائعة كانوا هم من أوصلهم إلى كراسي الزعامة والتسيير .وهذا أضعف الإيمان في رد الجميل .

حتى جمعيات المجتمع المدني التي تأسست لتدافع عن المواطنين وتلعب دور الوساطة والرقابة أصبحت في منطقة اولاد بوزيري مجرد وسيلة في أيدي المنتخبين .فلكل منتخب جمعيته التي تحمل أفكاره وتدافع عن مآربه الخاصة .فالنائب البرلماني له جمعياته التي تخدم أجنداته ورئيس الجماعة له جمعياته التابعة له والعضو المعارض له جمعيته أيضا حتى أصبح الأمر يتصف بنوع من الشدود .فقد نجد مدشرا يضم بضع أسر من السكان يضم جمعيتان أو أكثر .
جمعيات هجينة لا هم لها سوى السمسرة الإنتخابية واثارة المشاكل بين سكان نفس الدوار .

الجمعيات لا علاقة لها بالعمل الجمعوي ولا بالمجتمع المدني المنشود .تضم أناس يسطاء سدج يكابدون من أجل لقمة العيش .تم الزج بهم لخدمة أجندات سياسوية ضيقة الحسابات وهم بذلك يساهمون في فوضى جمعوية لا جدوى منها سوى إمساك البقرة من قرنيها .ليخلوا المجال للمنتخبين وذوي النفود واللوبيات التي تحركهم ليحكموا قيضتهم على الشأن المحلي .والتفرغ لحلب البقرة قي سلام وتحويل الجماعات الترابية الى إقطاعيات عائلية توظف الأهل والأقارب .فجل الجماعات القروية اصبحت فقيرة تعيش ميزانيتها على رحمة الله بسبب دوام الحليب المحلوب من البقرة .لكن رغم هذا الوضع المالي الصعب فإنها تعج بالتوظيفات المشبوهة والأشباح والصفقات المعلولة .فيما فقراء المنطقة تم الاستغناء عنهم  لتستغل الهشاشة الإجتماعية بيوتهم .

هذا العبث الصاخب امتد ليطال أيضا هبة وجوهرة سيدي محمد بن رحال المركز الاسبوعي الذي يعرف حاليا دمارا كارثيا من  المجلس الجماعي  الذي تغيب عنه الشمس العشية .

ليتم ذلك في صمت الجهات المعنية التي أغرقناها بالمراسلات والتحذيرات وكذا تواطؤ المنتخبين .هدا الوضع الخطير حول القرويين من أصحاب حق يكفله دستور البلاد الى طلاب إحسان من أصحاب الحق .وهذا الواقع يضرب بكل قوة الشعارات التضامنية التي يحملها كل مغربي شريف لا يرضى الذل ولا يرضى العبثبموارد بلاده وخيراتها .

هذه الشعارات التي نحملها ونؤمن بها سرعان ما يتم إفراغها من محتواها عندما تصطدم بالمصالح الفردية والجشع المندس وراء المواطنة المزيفة .فلن نمتلك الشجاعة لتفعيل ما جاء به الدستور الجديد ولن نمتلك الشجاعة لنقول لا للمفسدين في الأرض ولن نمتلك الشجاعة والإرادة لنكون أهلا للآوراش الكبرى التي يعرفها المغرب ولن نكن مواطنين إيجابيين وأندادا للتحديات المعاصرة .فالجبان يموت في كل لحظة ألف مرة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *