اقليم سطات …. ضعف الجماعات الترابية في تدبير أزمة كورونا.

23 سبتمبر 2020 - 8:34 ص

عبد الهادي أباضة

شكلت أزمة كورونا نقطة مهمة في إظهار حقيقة الجماعات الترابية باقليم سطات عامة، بأنها رغم الصلاحيات الممنوحة لها دستوريا وقانونيا، ظلت عاجزة بل ضعيفة في مواجهة فيروس كورونا، في المقابل تميزت السلطة المركزية (الحكومة) بالتدبير المبني على الحكامة والشجاعة في مواجهة هذه الأزمة، وبالتالي وجدنا أنفسنا أمام سؤال محوري، أين يكمن الخلل؟ لمعالجة هذا الموضوع، المسؤولية للاحزاب السياسية في ضعف الجماعات الترابية.

 

أكد العديد من المواطنين والمجتمع المدني والاعلام غياب الجماعات الترابية عن تدبير جائحة كورونا وإنفراد وزارة الداخلية في تدبيرها، من وجهة نظرنا، لاحظنا التدبير الجيد لأزمة كورونا وهذا راجع بالدرجة الأولى للمؤسسة الملكية والحكومة( خاصة وزارة الداخلية، وزارة الصحة)، وإذا كان تم إعطاء الجماعات الترابية أن تدبر هذه الأزمة على الصعيد الترابي، لوقعت الكارثة، إن المتتبعين للشأن القانوني،قد سبق لهم أن اطلعوا على تقرير صادر عن مديرية الجماعات المحلية التابعة لوزارة الداخلية سنة 2017،إذ تم التأكيد أنه حوالي 50٪ من رؤساء الجماعات الترابية ونوابهم يعانون من الأمية، وبالتالي كيف لرئيس أمي ونواب أميون أن يواجهوا أزمة كورونا؟ كيف لرؤساء مجالس الجماعات الترابية أميون لا يتوفرون على شهادة مدرسية ومنهم من لم يسبق له حتى أن دخل للمدرسة، أن يعتمد عليهم في تدبير أزمة كورونا؟ نسبة الأمية في الجماعات الترابية مشكل نابع من ثقافة قديمة لدى الأحزاب السياسية، أحزاب لا تهتم بتأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم،لا تؤدي واجبها الدستوري المتمثل في الفصل 7 من دستور 2011، بل تفرز لنا نخبا أمية، أحزاب مثل الزوايا تدعم أصحاب القرابة في الحزب وأصحاب المال، فتجد في الإنتخابات أن المرشح الذي يوجد في رأس اللائحة إما من أصحاب القرابة أو المال، تعطي التزكية لمن لا يستحقها، ويتم ملئ اللائحة بباقي أعضاء الحزب(لا يتمتعون بأهمية) وفي حالة فوز تلك اللائحة، يفوز بالمقعد من يوجد على رأسها، وبالتالي فالأحزاب السياسية هي المسؤولة عن غياب الجماعات الترابية في تدبير أزمة كورونا، لأنها لم تنتج لنا الكفاءات، ولم تدعم أصحاب العقول والحلول الجيدة، بل دعمت أصحاب المال والقرابة، أحزاب حينما تخاطب المواطنات والمواطنين، تعتمد على “الطعام والشراب” في جذبهم حتى يستمعوا لتصريحاتها وبرامجها الحزبية،وهذه البرامج في غالب الأحيان متشابهة تم إنجابها من نفس الرحم، بمعنى الكلام الذي يقوله هذا الحزب، يكرره حزب آخر بصيغة مختلفة، من خلال تغيير الجملة الفعلية بالجملة الإسمية أو شيئ من هذا القبيل، بل أكثر من ذلك نجد أن مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أكد في خطاب العرش لسنة 2017 أنه لا يثق في الطبقة السياسية،ودعا جلالته أعزه الله الأحزاب السياسية إلى تجديد أساليب عملها في خطاب العرش لسنة 2018.

 

وبالتالي ما هي النتيجة التي وصلنا إليها؟ أننا وجدنا أنفسنا أمام جماعات ترابية عاجزة تعاني من الشلل في تدبير أزمة كورونا، كما أن انفراد وزارة الداخلية في تدبير هذه الأزمة،يجد أساسه في الوثيقة الدستورية، فإذا كان دستور 2011 في الباب التاسع المعنون ب”الجهات والجماعات الترابية الأخرى”،قد نص على مبدأ التدبير الحر (الفصل 136) وعلى مبدأ التفريع(الفصل 140)،فإنه في المقابل نص على المراقبة الإدارية(الفصل 145).

 

الخلاصة لقد أظهرت أزمة كورونا الضعف الذي تعاني منه الجماعات الترابية خاصة باقليم سطات  والذي نحمل مسؤوليته للأحزاب السياسية، لأنها وحدها المسؤولة عن إفراز النخب، فإذا كان العقل السياسي المركزي أبان عن حكمته وفطنته وشجاعته في مواجهة فيروس كورونا، فإن العقل السياسي الترابي ظل عاجزا ومصابا بالشلل في مواجهة هذا الفيروس، ولم يساهم في اقتراح حلول ناجعة في تدبير هذه الأزمة، وهذا شيئ طبيعي، لأنه لا يمكن لرؤساء مجالس منتخبة أميون أن يساهموا في مقترحات، فكما يقال “فاقد الشيئ لا يعطيه”، وبالتالي يجب على الأحزاب السياسية ما بعد أزمة كورونا أن تفكر في تأطير وتكوين نخبها حتى يكونوا في حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وحتى يساهموا بشكل إيجابي في إنجاح النموذج التنموي الجديد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *