“موزون” غشت 2008… قصة بقلم الكاتب عبدالرزاق السوداني

27 سبتمبر 2020 - 11:32 ص

حكيم سعودي

لم يسبق لسكان الحومة أن التحموا واتحدوا قبل اليوم, حيث وقف المتعجرف بجانب الوضيع، الغني بجانب المملق،الكل في وضع مقلق, في رأس الدرب وقفوا جميعا يشرئبون ’كلهم مذهولون مستنكرون يرددون اسم الغريب “موزون” الذي ألقي عليه القبض صبيحة هذا اليوم بتهمة غياب الهوية وعدم تبنيه من طرف أية أسرة. 

الكل يحكي عن مجيئه إلى الحومة في يوم من أيام الخريف ,وجلوسه قرب دار الفقيه … لم يعرف أحد اسمه ولاأصله,سماه الكبار الغريب ،في حين منحه الصغار اسما أجنبيا، لكن الاسم الرسمي الذي يعرفه به الجميع هو “موزون” 

“طول مقامه بيننا لم يتحرش بواحدة منا . بل على العكس من ذلك كنا نرى فيه الحماية لنا” صاحت إحدى الجارات.

“عندما كان يرافقنا إلى الشاطئ يوفر لنا الحماية من قطاع الطرق ، أولاد الدوار المجاور للشاطئ، كما كان يحرس لنا الملابس أثناء استحمامنا” أضاف بعض الأطفال.

صاح البقال متبجحا “والله لو كنت حاضرا ساعتها لما تركتهم يذهبون به…”. وكلنا نعلم علم اليقين أنه كان دوما يطرده من جوار الدكان, ولم يسبق أن قدم له طعاما.

كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار حين رست سيارة مبروك الميكانيكي قرب ورشته. نزل مبتسما تجمهر حوله الجيران ،متسائلين لماذا لم يعد معه “موزون” ؟

رد على الجميع بابتسامة عريضة: “موزون” بخير،وقد وعدوني بأن يعيدوه بأنفسهم على متن السيارة التي اعتقلته إلى نفس المكان الذي اعتقلوه فيه. هذا بفضل تدخلاتي الشخصية طبعا…

دخل مبروك ورشته، في حين وجه الجميع نظره إلى رأس الدرب ، يتوقعون أن تهل السيارة الملعونة،

مضت نصف ساعة، صاح الجميع مهللين لما توقفت سيارة من الحجم الكبير صفراء اللون، نزل منها رجل ضخم بلباسه الكاكي ونياشينه الحمراء على كتفه ،نعرفه جميعا: إنه أبو معاوية جارنا الصامت الذي لا نراه إلا ذاهبا إلى المسجد أو عائدا منه.

توجه معاوية إلى البوابة الخلفية للسيارة ، فتحها بقوة لينزل منها البطل “موزون” عيناه جاحظتان، يبدو عليه أثر الضغط والحنق، طاف حول السيارة ثلاث دورات،ثم انطلق مسرعا إلى داخل الدرب ليملأ الحومة بنباحه الذي كان يزعج البعض، والذي افتقدناه صباح هذا اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *