تصريح للأستاذ امين السعدي بخصوص الدخول السياسي المقبل وتحديات المرحلة المقبلة في حالة استمرار جائحة كورونا

14 سبتمبر 2020 - 11:12 م

حكيم السعودي

صرح امين السعيد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس في حوار مع موقع القناة الثانية ان الدخول السياسي المقبل، سيعرف العديد من التحديات والرهانات، لكونه يأتي في سياق خاص وغير مسبوق مطبوع بالتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كوفيد 19، ويتزامن مع السنة الأخيرة من الولاية التشريعية وهي مرحلة فاصلة عن المحطة الانتخابية المقرر إجراؤها في سنة 2021، حيث يتضح أن الأغلبية الحكومية تحاول إنهاء الولاية الحكومية في ظل تحالف هش كشفت عنه العديد من القضايا الخلافية سواء التي برزت قبل وخلال الجائحة الوبائية ولعل أخرها النقاش الحاد الذي تحول إلى صراع داخل مكونات فرق الأغلبية الحكومية حول مشروع قانون رقم 10.16، يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي.

و اكد في الاستاذ امين السعدي في تصريحه على أن الدخول السياسي سواء في النماذج المقارنة أو في المغرب، سيعرف ارتباكا مرتبطا بالوضعية الوبائية وتأثيرها على المجال الاقتصادي، الشيء الذي سينقل الحكومة من رهان الالتزام باستكمال السياسات العمومية إلى رهان السرعة في إصدار القرارات المهيكلة، كما ستفرض هذه الوضعية تحديا خارجيا يتعلق بمواكبة الاستراتيجيات الدولية المرتبطة بالجائحة الوبائية.اما اجتماعيا، فانه يتضح أن الدخول السياسي المقبل من المتوقع أن يتجه صوب الإشكالات التي طرأت على الدخول التعليمي، وهذا ما يسائل فعالية التدابير والإجراءات الحكومية في المجال التعليمي، وهي مناسبة لتقييم القرارات التي اتخذتها الوزارة الوصية على القطاع التعليمي، سواء المرتبطة بالمزاوجة بين التعليم الحضوري أو التعليم عن بعد، وكذلك إشكالية تأجيل الامتحانات في بعض الجامعات.

وتطرق الى رهانات وتفاصيل التنافس الانتخابي تغذيها سياقات التحالفات الانتخابية وإصلاح المنظومة الانتخابية، ومن خلال قراءة التصريحات الأخيرة لقيادات الأحزاب السياسية سواء المنتمية للتحالف الحكومي أو المتواجدة في خانة المعارضة، وما نتج عن ذلك من نقاشات وتصورات وخطابات، تظهر بشكل جلي وملموس مدى هشاشة التحالفات التي لا تستطيع الصمود ويتم وأدها خلال يوم الاقتراع؛ وهي ظاهرة طبعت المشهد الانتخابي المغربي منذ مرحلة ما عرف ببناء الدول الوطنية. وبالرغم من اصلاح الإطار القانوني المنظم للأحزاب السياسية وما رافق ذلك من خطب ملكية تهدف إلى تخليق الحياة السياسية، فإن المشاركة في السلطة هي المحرك والفاعل الرئيسي المتحكم في التحالفات الحزبية.

وفي سياق التحولات السياسية المرتبطة بالجائحة الوبائية ومدى تأثيرها على تحالفات البنية الحزبية في المغرب، يلاحظ أن السلوك الحزبي يشتغل بنوع من التكتيك الانتخابي، وأن الأحزاب السياسية سواء المنتمية في خانة المعارضة أو الحكومة تتملص من التموقع في تحالفات غير مضمونة قد تنعكس عليها بشكل سلبي وتكلفها عناء تبرير تغيير موقعها ما بعد النتائج الانتخابية.

وفي هذا الإطار، فباستثناء المشاورات التي قامت بها أحزاب المعارضة الثلاث مع وزارة الداخلية حول إصلاح المنظومة الانتخابية: (حزب الاستقلال؛ حزب الأصالة والمعاصرة، حزب التقدم والاشتراكية)، فإن هذا التنسيق الهش تتخلله بعض الصعوبات، لعل أولها؛ أن حزب الأصالة والمعاصرة يضع قدمه مع التنسيق الثلاثي ويرسل إشارات مبطنة مفادها بإمكانية التحالف مع حزب العدالة والتنمية من خلال تجاوز مقولة الخط الأحمر، ثم أن أحزاب المعارضة لا تنسق بشكل عملي في غرفتي البرلمان من خلال التعديلات والاقتراحات المحالة إلى اللجان البرلمانية.

و اشار الاستاذ امين السعدي الى ان هناك غموض مرتبط بأحزاب التحالف الحكومي، حيث أظهرت واقعة تسريب مشروع ما عرف إعلاميا “بقانون الفاسبوك” حدة التوتر بين حزب “التجمع الوطني للأحرار” وحزب “العدالة والتنمية” من جهة، وتباين مواقف حزب “الاتحاد الاشتراكي “وحزب “العدالة والتنمية” من جهة ثانية، أما فيما يتعلق بحزب “الحركة الشعبية”، فإن خياراته أكثر نفعية ويفصح عن تحالفاته التي تمكنه من المشاركة في التحالف الحكومي وتجنبه الجلوس في المعارضة.كما ان هناك تحدي أخر مرتبط بمدى جاهزية الأحزاب السياسية وبقدرتها على إبداع برامج انتخابية مغرية في ظل تحولات بنيوية للمجتمع المغربي تتسم بسلبية التمثلات الاجتماعية تجاه السياسة، وتبرز بشكل جلي تأزم العلاقة السوداوية والمتوترة بين المواطن ومدبري الشأن العام، كل ذلك يطرح أسئلة حارقة على البرامج الحزبية التي ينبغي نظريا أن تستحضر تجذر الثقافة المجتمعية الرافضة للسياسة وأن تكسب رهان تعزيز العلاقة بين المجتمع والسياسة.

وفيما يخص إمكانية التأجيل بسبب استمرار الجائحة الوبائية لكوفيد 19، أعتقد بأن الأمر يتعلق بالخيارات السياسية المطروحة على القطاع الوصي المتمثل في وزارة الداخلية، فهي ولئن كانت حريصة على احترام مسلسل انتظامية المحطات الانتخابية باعتبارها التزاما دستوريا وتقليدا سياسيا، فإنها أكثر حرصا على صحة المواطنين بكونها من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الباب الثاني من الوثيقة الدستورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *