عامل النظافة قاهر الكورونا

5 مايو 2020 - 8:39 م

بقلم: منصف الإدريسي الخمليشي

إن وباء كورونا باعتباره جائحة عالمية, منذ ظهوره تعددت وظائف عمال و مهندسي النظافة, يقومون بجمع الأزبال ليلا و التعقيم نهارا و هذا ما جعلهم يعانون كثيرا في هذه الفترة الحساسة في المغرب و العالم, إلا أن بعض المواطنين لا يراعون لقيمتهم فيقومون بنعتهم بمصطلح جارح منذ قديم الزمن “مول الزبل” احتقار لرجال و مهنة من أنبل المهن على الاطلاق, في حين أن من يقوم بطرح الأزبال هو نفسه من يرمي الأزبال في الشوارع, يبصق في الطرقات, لا يحترم شروط السلامة الصحية التي جاءت بها المنظمات الصحية العالمية, العبث الذي يتمتع به بعض المواطنين في المغرب جعل المغرب ضمن خانة الدول التي لا تحترم سياساتها, إذن رجل النظافة الذي يحتقر و ينبذ بمجموعة من الكلمات الجارحة, ففي آخر المطاف هو إنسان يجمع وسخ الإنسان, ليس هناك فرق نهائيا, فقط رجل النظافة له أجر كبير عند الله سبحانه و تعالى حيث أن “النظافة من الإيمان”.

إن إشكالية وباء كورونا, حيرت العالم بأسره فكل الدول لم تجد حلا بعد, فرجل النظافة يستشرف خيرا في الصنف الثاني للمواطنين الذين يقدرون و يحترمون هذه المهنة الشريفة التي تعتبر إحدى الخدمات العمومية بل و تدخل ضمن خانة مهندسي الدولة الذين يختصون في النظافة.

إن جائحة كورونا التي جعلتنا نشتت ذواتنا و نفترق بل و بلوغنا مرحلة احتقار هذا الرجل العفيف الذي همه الوحيد الحصول على قوت يومه, حسب تصريح لأحد عمال النظافة حتى شركات النظافة لم تكرم هؤلاء الناس بأجر محترم يدخل ضمن مواصفات الأجر المنصوص عليه في العالم, هذا ما يجعل بعض الدول العربية متخلفة, نتيجة لعدم تقدير أقدس المهن.

إن الحالة النفسية لرجل النظافة لما يخرج كل يوم من أجل جمع الأزبال في الشوارع و حاليا من أجل تعقيم الشوارع لضمان وقاية جيدة, تكون في أحسن الأحوال, إلا و بعد الاحتقار الذي يعاملونه به بعض المواطنين الغير وطنيين يدهور حالتهم الاجتماعية, و يجعل كره المهنة حليف.

عزيزي القارئ, لنفترض أن مدننا بدون عامل نظافة تخيل حجم الأمراض التي ستصيبنا و الوباء الذي سننشره في العالم, فدور عامل النظافة كبير جدا حيث إن لم يوجد فسنظل دائما نتعرض لأوبئة نتيجة الأزبال التي تتكاثر و تنتج عبرها بكتيريات و جراثيم و ميكروبات و فيروسات أخطر من فيروس كورونا, مراعاة مشاعر هؤلاء الناس هو جزء من مساعدتنا لهم, بل و جعلهم من أولى اهتماماتنا.

إن عامل النظافة يعتبر مساعدا للطبيب بل و أنه هو اليد اليمنى للطبيب في عملية الوقاية و العلاج من الأمراض, بل و نموذج للمعاملة و الصبر, الصياد و عامل النظافة رجلين يتشابهان في طريقة الصبر التي يمتازون بها, الصياد قد يصبر ساعات من أجل صيد سمكة أو ربما لم يحصل على شيء و لا يغضب, أما عامل النظافة هو أيضا صبره يتجلى في عدم ارتكابه لجريمة بشعة لكل محتقر له.

كما أن لعامل النظافة قدرة عالية على الحفاظ على نفسية عالية تجعله يفتخر بذاته, طبيب المجانين هو عامل النظافة الذي اكتسب القدرة على الصبر, عامل النظافة يعادل أيوب عليه السلام في الصبر, حيث من المستحيل أن يصبر أي كان للقسوة التي يتعرض إليها هذا المخلوق البشري الراقي.
إن الثقافة السلوكية التي يستمتع بها عامل النظافة في زمن كورونا على مستوى التوعية و الوقاية من هذا الداء الأممي تعتبر ركيزة هامة و إحدى الوسائل التي جعلت المغرب يضاهي البلدان العالمية في محاربة الوباء.
كما أن الإسلام جاء ليخبرنا عن أهمية النظافة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تخللوا فإنه نظافة, و النظافة تدعوا إلى الإيمان, و الإيمان مع صاحبه في الجنة” و في حديث آخر “إن الله تعالى طيب يحب الطيب, نظيف يحب النظافة, كريم يحب الكرم, جواد يحب الجود, فنظفوا أفنيتكم, و لا تشبهوا باليهود”.

الاسلام حثنا على الكرم فأكرموا عمال النظافة و كل من إنسان فهو يستحق التكريم مصداقا لقول الله تعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *